الكثير من الأمور تربط بين جمهورية جيبوتي و دولة الكويت و منها التاريخ المشترك الذي أرتبط بالبحر و السفر من أجل التجارة و التواصل و نرى أن الجانب الغربي للبحر الأحمر عرف الكثير من زيارات سفن الكويت لمواني و مراسي هذه المنطقة مما خلقه علاقات صداقة و مصالح تجارية بين رواد هذه السفن و بين أبناء المنطقة بحكم أن أبناء تلك المنطقة هم أيضا من رواد البحر من أجل الصيد و التجارة. و حتى الجانب الجغرافي الطبيعي للبلدين خلق نوعا ما من التشابه الشكلي لخريطتهما السياسية و كذلك الجوار الجغرافي الجيوبلوتيكي حيث إن البلدين يجاوران دول أكبر منهما حجماً لما لذلك من آثار كبيرة عليهما عبر التاريخ، سواء كانت تلك الآثار إيجابية أو سلبية.
ليوم تلتقي كل من جمهورية جيبوتي و دولة الكويت في مساحة العمل العربي المشترك عبر جامعة الدول العربية عبر منظمة التعاون الإسلامي مما يعني أن للبلدين مصير مشترك و يسعيان لتحقيق غايات و أهداف و طموحات قومية إقليمية مشتركة.
و كما هو الحال لمعظم الدول العربية ساندت دولة الكويت كفاح الشعب الجيبوتي من أجل الاستقلال من الاستعمار الذي جسم على صدر بلدهم لأكثر من قرن من الزمان. بعد استقلال جمهورية جيبوتي كانت الكويت من الدول العربية الشقيقة القليلة التي سعت إلى تدعيم الاقتصاد الجيبوتي من خلال مشاريع تنموية ذات أهمية كبرى لجيبوتي التي تعتبر دولة خدمات و وسيط تجاري في المنطقة من خلال قروض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية و ذلك لتوسيع و رفع قدرات ميناء
جاري في المنطقة من خلال قروض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية و ذلك لتوسيع و رفع قدرات ميناء جيبوتي و الذي يعتبر أهم مؤسسة اقتصادية في جيبوتي. و نجد في الوقت الحاضر العديد من المشاريع ممولة بقروض و أيضاً بمنح من دولة الكويت و خاصة في مجال الطرق و الكهرباء و الإسكان و الشباب. كما نلاحظ حضور القطاع الخاص الكويتي في الساحة الجيبوتية الاستثمارية و التجارية و إن كان لا يزال هذا القطاع دون آمال و طموحات قيادة البلدين. هذا و يجب أن لا ننسى تواجد منظمات العمل الخيري الكويتية التي لها دور مهم للغاية و متنامي في تقوية العلاقات بين الشعبين الشقيقين.
كما وقفت دولة الكويت و شعبها مع الحق الجيبوتي في السابق من أجل الاستقلال وقفت جمهورية جيبوتي بقيادتها التاريخية مع حق الكويت و شعبها بشكل واضح و صارم دون مجاملة أو تردد وذلك عندما تعرضت دولة الكويت و شعبها لظلم و العدوان و هدر لمواردها حيث ساندت جمهورية جيبوتي و دافعت عن حق الكويت في استرداد استقلالها و حريتها في كل المحافل الإقليمية و الدولية و بكل ما هو متاح لها من إمكانات.
فهذه العلاقات الحميمة الأخوية دُعِمت بزيارات لأعلى المستويات من كبار رجال الحكم في الدولتين, و في هذا المقام نذكر على سبيل المثال و ليس الحصر الزيارات التي قام بها فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيلي رئيس الجمهورية لدولة الكويت للمشاركة في القمم العربية التي استضافتها دولة الكويت في السنوات الأخيرة بالإضافة الى القمة العربية الإفريقية و زيارة صاحب السمو لجيبوتي عندما كان يشتغل منصب وزير الخارجية. كذلك لابد من الإشارة الى الزيارات تم تبادلها بين كل من معالي دولة رئيس الوزراء السابق دليتا محمد دليتا و رئيس مجلس الوزراء السابق في دولة الكويت سمو الشيخ ناصر محمد الجابر الصباح. هذين الزيارتين رفعتا من سقف طموح القيادتين و الشعبين في البلدين الشقيقين و أسستا لعلاقة على مستوى آخر و تقرر خلالها فتح السفارات في عواصم البلدين الشقيقين حيث تم تبادل السفراء مع بداية عام 2012.
منذ ذلك التاريخ كانت هناك زيارات متعددة متبادلة بين وزراء الخارجية في إطار العلاقات الثنائية و الإقليمية و كان آخرها الزيارة التي قام بها معالي الشيخ صباح الخالد الصباح مبعوثاً لملوك و أمراء دول مجلس التعاون الخليج العربي إلى فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيلي في شهر فبراير 2014.
طموحنا اليوم هو الذهاب بهذه العلاقة إلى مستوى أعلى ورحاب أوسع تلبية ولو لجزء بسيط من طموح القيادة في البلدين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين. و في هذا الإطار تتحرك السفارة و بالتشاور مع رئاسة الجمهورية و وزارة الخارجية والتعاون الدولي على ثلاثة محاور رئيسية.
تطوير العلاقة التعاونية بين مؤسسات الدولتين عبر اللجنة الفنية المشتركة التي سوف توقع اتفاقيات و برتوكولات و برامج تنفيذية بين الوزارات المختلفة في البلدين الشقيقين. تأمل السفارة أن تعقد هذه اللجنة خلال الأشهر القادمة في دولة الكويت الشقيقةالمحور الأول،
هو محور القطاع الخاص و جذب المستثمرين الكويتيين و رجال الأعمال إلى جمهورية جيبوتي و تقديم كل التسهيلات الممكنة لهم. و لهذا سعت السفارة بالتعاون مع غرفة تجارة في جمهورية جيبوتي و غرفة تجارة و صناعة في دولة الكويت الشقيقة لتنظيم يوم مفتوح عن فرص الاستثمار الموجودة في جمهورية جيبوتي وكان هذا اليوم فرصة لتعريف بجيبوتي و تقديمها من حيث الفرص الاستثمارية المتاحة فيها إلى رجال الأعمال و مؤسسات الاستثمارية في دولة الكويت الشقيقة. شارك في هذا اليوم المفتوح كل المؤسسات الجيبوتية المعنية بالاستثمار و الأعمال و التجارة (غرفة تجارة الجيبوتية، الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، ديوان الوطني للسياحة، هيئة المواني و المنطقة الحرة و أيضاً رجال الأعمال و هي كانت فرصة لهم لتعرف على أقرانهم في دولة الكويت) هذا و كان الوفد جيبوتي برآسة معاني وزيرًا الإقتصاد و المالية المكلف بالصناعة. المحور الثاني
هو محور العمل الإنساني الذي شهد كل العالم للكويت الشقيقة على علو كعبها فيه و على رأسها أمير الإنسانية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. نلاحظ في الوقت الحاضر تواجد العديد من الأنشطة لمنظمات العمل الخيري الكويتية في جمهورية جيبوتي و هو تواجد ملحوظ و متنامي. وعمل هذه المنظمات و جهودها مشكور و مقدر من قبل أعلى سلطة في البلد و من كل الشعب الجيبوتي و نأمل أن يكون لهذا العمل دور تنموي أكثر مما هو عليه الآن كونه داعمًا لخطط الدولة و مكملاً له و خاصة في مجال التعليم و الصحة بالإضافة إلى دوره الإغاثي عند الضرورة.المحور الثالث
في الواقع أن السفارة تسعى و تتعاون مع هذه المنظمات الخيرية الفاعلة لتوجيه أنشطتها إلى مجالات ذات حيوية و أهمية للدولة و ساكنيها مثل المساهمة في تطوير التعليم التقني و المهني و كذلك تطوير بعض الخدمات الصحية في المناطق النائية و أيضا لترسيخ الوسطية في الدين و البعد عن التطرف و الغلو فيه.
محمد على مؤمن
سفير جمهورية جيبوتي لدى دولة الكويت